ما هو فضل قراءة القرآن الكريم

ما هو فضل قراءة القرآن الكريم
1357 0

الوصف

فَضْل قراءة القرآن الكريم والأدلّة عليه 

بيَّنَ أهل العلم أنّ تعلُّم القرآن الكريم، وقراءته، من أشرف العلوم، وأعظم الأعمال؛ فشرف العلم يتمثّل بشرف ما تعلَّق به، ولا يوجد ما هو أعظم من كلام الله -تعالى-؛ فهو أصدق الكُتُب، وأحسنها نظاماً، وأفصحها وأبلغها كلاماً؛ لقَوْله -عزّ وجلّ-: (وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ*لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ)، وقد أمر الله -تعالى- عباده المؤمنين بتعلُّم القرآن الكريم، وقراءة آياته آناء الليل، وأطراف النهار؛ إذ قال -عزّ وجلّ-: (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلً)، ويمكن الوقوف على بعض فضائل قراءة القرآن الكريم فيما يأتي:

فَضْل قراءة القرآن والأدلّة عليه من القرآن الكريم 

وردت الكثير من الآيات التي تدلّ على فَضْل قراءة القرآن الكريم، ومنها: قَوْل الله -تعالى-: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَـٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ)، وقد اختلف أهل العلم في تفسير الآية الكريمة؛ فذهب قتادة إلى أنّ المقصودين بقَوْل الله -تعالى-: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ) هم الصحابة -رضي الله عنهم-، أمّا الكتاب فهو القرآن الكريم، وذهب ابن زيد إلى أنّ المقصودين بالآية الكريمة هم الذين أسلموا من بني إسرائيل، أمّا الكتاب فهو التوراة، واختلف المُفسّرون أيضاً في معنى قَوْله -تعالى-: (يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ)؛ فقال عكرمة إنّ معناها: يتّبعونه حقّ اتِّباعه؛ بتحليل ما أحلّه، وتحريم ما حرّمه، والتزام أوامره، واجتناب نواهيه، وقال أيضاً: "أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ اللَّهِ -تَعَالَى-: "وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها" أَيْ أَتْبَعَهَا"، ويدلّ على ذلك المعنى أيضاً ما ورد من قَوْل ابن عباس، وابن مسعود -رضي الله عنهما-، أمّا عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- فقد ذهب إلى أنّ تلاوة القرآن الكريم حَقّ تلاوته تكون بسؤال الله -تعالى- الرحمة حين المرور بآيات الرحمة، والاستعاذة بالله من العذاب حين المرور بآيات العذاب. وقد ثبت أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- كان يفعل ذلك؛ فقد ورد عن حذيفة بن اليمان أنّه قال: (أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان إذا مَرَّ بآيةِ خَوفٍ تَعوَّذَ، وإذا مَرَّ بآيةِ رَحْمةٍ سَأَلَ)، وورد عن الحسن أنّه قال: "هُمُ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ بِمُحْكَمِهِ، وَيُؤْمِنُونَ بِمُتَشَابِهِهِ، وَيَكِلُونَ مَا أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ إِلَى عَالِمِهِ". ومن الآيات التي تدلّ على فَضْل قراءة القرآن الكريم أيضاً قَوْل الله -تعالى-: (وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً)، وقد فسّر الإمام القشيريّ الآية بحِفظ الله -تعالى- لقارئ القرآن الكريم في الدنيا والآخرة، وتولّيه؛ بمنع الأيادي الخاطئة من الوصول إليه، ومن فضائل قراءة القرآن الكريم نَيْل ما وعد الله -تعالى- به عباده من الأجر، والثواب، ونعيم الجنّة؛ لقَوْله -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّـهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ*لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ)، وقد فسّر الإمام البغويّ الآية الكريمة بأنّ قارئ القرآن الكريم يرجو تجارةً لن تفسد، وهي وعد من الله -تعالى- له بالأجر والثواب، وذهب ابن عباس -رضي الله عنهما- إلى أنّ الزيادة في الفَضْل تعني: "سِوَى الثَّوَابِ مِمَّا لَمْ تَرَ عَيْنٌ وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ". 

فَضْل قراءة القرآن والأدلّة عليه من السنّة النبويّة 

وردت الكثير من الأحاديث التي تُبيّن عِظَم فَضْل قراءة القرآن الكريم، ويُمكن بيان بعضها فيما يأتي: مُضاعَفة الثواب: فقد ثبت في السنّة النبويّة أنّ الله -تعالى- يُضاعف أجر قارئ القرآن الكريم؛ لما ورد عن عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (مَن قرأَ حرفًا من كتابِ اللَّهِ فلَهُ بِهِ حسنةٌ، والحسنةُ بعشرِ أمثالِها، لا أقولُ آلم حرفٌ، ولَكِن ألِفٌ حرفٌ وميمٌ حرفٌ). نَيْل مرتبة السَّفرة الكرام البَرَرة: فمن الاحاديث النبويّة الشريفة التي تدلّ على فَضْل قراءة القرآن الكريم ما ورد عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (الْماهِرُ بالقُرْآنِ مع السَّفَرَةِ الكِرامِ البَرَرَةِ، والذي يَقْرَأُ القُرْآنَ ويَتَتَعْتَعُ فِيهِ، وهو عليه شاقٌّ، له أجْرانِ)، فقد أكرم الله -تعالى- قارئ القرآن الكريم الحافظ المُتقِن للأحكام برَفع مكانته يوم القيامة، وجَعله مع السَّفَرة البَرَرة؛ وهم: الرُّسُل؛ لأنّهم يُسفرون إلى الناس برسالات الله -تعالى-، والبَرَرة هم: المُطيعون؛ إذ إنّ البِرّ هو الطاعة، ولا يقتصر الفَضْل للمُتقِن الماهر بقراءة القرآن الكريم فقط، بل يشمل قارئ القرآن الذي يجد صعوبةً أثناء القراءة؛ فقد أكرمه الله -تعالى- بأجرَين؛ أجر القراءة، وأجرٌ بسبب المَشقّة التي يجدها في التلاوة. تنزُّل السكينة: فقد ثبت في الحديث الصحيح أنّ السكينة تتنزّل على قارئ القرآن الكريم، ومن حيث لا يشعر تتنزّل الملائكة؛ لتُنصت وتستمع إلى قراءته؛ فقد ورد عن البراء بن عازب -رضي الله عنه-: (كانَ رَجُلٌ يَقْرَأُ سُورَةَ الكَهْفِ وَعِنْدَهُ فَرَسٌ مَرْبُوطٌ بشَطَنَيْنِ، فَتَغَشَّتْهُ سَحَابَةٌ فَجَعَلَتْ تَدُورُ وَتَدْنُو، وَجَعَلَ فَرَسُهُ يَنْفِرُ منها، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَى النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَذَكَرَ ذلكَ له، فَقالَ: تِلكَ السَّكِينَةُ تَنَزَّلَتْ لِلْقُرْآنِ)،وقد فسَّر أهل العلم السكينة بأنّها: سحابةٌ من السماء فيها ملائكة الرحمن، ولو أنّ أُسيد بن حُضير -رضي الله عنه- الذي ضرب أروع الأمثلة في إخلاص العبادة، وحبّ الله ورسوله استمرّ بالقراءة لنزلت الملائكة تُسلّم عليه، ولسلّموا على الناس، وممّا يدلّ على نزول الملائكة؛ للاستماع إلى قارئ القرآن المُخلص في قراءته ما ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (وَما اجْتَمع قَوْمٌ في بَيْتٍ مِن بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عليهمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ المَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَن عِنْدَهُ). نَيْل الشفاعة يوم القيامة: فقد ثبت في الحديث الصحيح أنّ قراءة القرآن الكريم سببٌ لنَيْل الشفاعة يوم القيامة؛ لِما ورد عن أبي أمامة الباهليّ -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (اقْرَؤُوا القُرْآنَ فإنَّه يَأْتي يَومَ القِيامَةِ شَفِيعًا لأَصْحابِهِ). عِظم القَدْر: فقد ثبت في الحديث الصحيح أنّ لقارئ القرآن الكريم المُخلص بقراءته لله -تعالى- قدراً عظيماً في الدُّنيا والآخرة؛ لِما ورد عن أبي موسى الأشعريّ -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، مَثَلُ الْأُتْرُجَّةِ، رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ، وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَثَلُ التَّمْرَةِ، لَا رِيحَ لَهَا وَطَعْمُهَا حُلْوٌ، وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، مَثَلُ الرَّيْحَانَةِ، رِيحُها طَيِّبٌ وطَعْمُها مُرٌّ، ومَثَلُ المُنافِقِ الذي لا يَقْرَأُ القُرْآنَ، كَمَثَلِ الحَنْظَلَةِ، ليسَ لها رِيحٌ وطَعْمُها مُرٌّ)، والأُترجة: ثمرةٌ تشبه البطيخ، لونها جميلٌ، ورائحتها عطرةٌ، وطعمها شهيٌّ، وقد شبّه رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- المؤمن الذي يقرأ القرآن بالأترجة؛ لأنّ قراءة القرآن الكريم تُحسِّن أخلاق العبد، وتزيد من أعماله الصالحة؛ فتُقرِّبه من الله -تعالى-، وتُحبّبه إلى الناس، كما أنّ الله -تعالى- يرفع مكانة قارئ القرآن الكريم في الدُّنيا والآخرة، على أن تكون القراءة مقرونةً بالعمل الصالح، وإخلاص النيّة، ولذلك يجدر بقارئ القرآن الكريم تدبُّر آياته، ممّا يدفعه إلى العمل الصالح، وتقوية إيمانه، وذلك الهدف الحقيقيّ من كلّ العبادات. رفع المكانة في الدُّنيا: إذ إنّ قراءة القرآن الكريم سببٌ لنَيْل المكانة الرفيعة في الدُّنيا، والأجر العظيم في الآخرة؛ لِما ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (إنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بهذا الكِتَابِ أَقْوَامًا، وَيَضَعُ به آخَرِينَ). نَيْل أعلى الدرجات في الجنّة: حيث إنّ درجة قارئ القرآن الكريم في الجنّة تكون عند آخر آية يقرؤها؛ لِما ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (يُقالُ لصاحِبِ القرآنِ اقرأ وارتَقِ ورتِّل كما كنتَ ترتِّلُ في الدُّنيا فإنَّ منزلَكَ عندَ آخرِ آيةٍ تقرؤُها). نَيْل الأجر العظيم والحَسَنات المضاعفة: فقد ثبت في الحديث الصحيح ما يدلّ على عِظَم أجر قارئ القرآن الكريم، ووَفرة حَسَناته؛ لِما ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (أَفلا يَغْدُو أَحَدُكُمْ إلى المَسْجِدِ فَيَعْلَمُ، أَوْ يَقْرَأُ آيَتَيْنِ مِن كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، خَيْرٌ له مِن نَاقَتَيْنِ، وَثَلَاثٌ خَيْرٌ له مِن ثَلَاثٍ، وَأَرْبَعٌ خَيْرٌ له مِن أَرْبَعٍ، وَمِنْ أَعْدَادِهِنَّ مِنَ الإبِلِ). تجنُّب الغَفلة عن ذِكر الله -تعالى-: فقد ورد ما يدلّ على أنّ قراءة القرآن الكريم تُذكِّر العبد بالله -تعالى-، وتُجنّبه الغفلة؛ لما ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (مَن قرأَ في ليلةٍ مائةَ آيةٍ لَم يُكتَبْ مِن الغافلينَ، أو كُتِبَ مِن القانتينَ). استحقاق الغِبطة: وقد عُرِّفَت الغِبطة بأنّها: تمنّي مثل ما عند الآخر من النعمة، من غير حسدٍ، أو تمنٍّ لزوالها عنه، وثبت في الحديث الصحيح أنّ قارئ القرآن الكريم يستحقّ أن يغبطه العباد؛ لِما ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (لا حَسَدَ إلَّا في اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتاهُ اللَّهُ القُرْآنَ فَهو يَقُومُ به آناءَ اللَّيْلِ، وآناءَ النَّهارِ، ورَجُلٌ آتاهُ اللَّهُ مالًا، فَهو يُنْفِقُهُ آناءَ اللَّيْلِ، وآناءَ النَّهارِ)، فقارئ القرآن الحافظ لآياته، والمُلتزم بما جاء فيه، يستحقّ الاقتداء به. نَيْل مكانةٍ خاصّةٍ عند الله تعالى: فقد ورد في السنّة ما يدلّ على عِظَم مكانة أهل القرآن الكريم عند الله -تعالى-؛ لِما ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (إِنَّ للهِ أهلِينَ مِنَ الناسِ قالوا: من هُمْ يا رسولَ اللهِ؟ قال أهلُ القرآنِ هُمْ أهلُ اللهِ وخَاصَّتُهُ). 

حال السَّلَف مع القرآن ضرب السَّلَف الصالح -رحمهم الله- 

أروع الأمثلة في حُبّ القرآن الكريم، وتلاوة آياته آناء الليل والنهار؛ فقد ترّبوا في مدرسة النبوّة؛ إذ كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يحثّ أصحابه -رضي الله عنهم- على تلاوة القرآن الكريم، وكان يُحبّ الاستماع إلى قراءتهم؛ فقد ورد عن عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- أنّه قال: (قالَ لي النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: اقْرَأْ عَلَيَّ قُلتُ: أقْرَأُ عَلَيْكَ وعَلَيْكَ أُنْزِلَ، قالَ: إنِّي أُحِبُّ أنْ أسْمعهُ مِن غيرِي)، وأوصى -عليه الصلاة والسلام- الأمّةَ من بعده بالمحافظة على قراءة القرآن الكريم، وعدم هَجره، فإن تمكّن المسلم من خَتم القرآن الكريم مرّةً في الشهر، فقد عمل بالوصيّة؛ لِما ورد عنه -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (اقْرَأِ القُرْآنَ في كُلِّ شَهْرٍ)، وقد كان الصحابة -رضي الله عنهم- جيلاً قرآنيّاً فريداً؛ إذ كان ارتباطهم بالقرآن الكريم عميقاً للغاية، حتى ورد أنّ عثمان بن عفان -رضي الله عنه- خرق مصحَفَين؛ لكثرة قراءته منهما، وكانوا يكرهون أن يمرّ يومٌ دون أن يتدبّروا آيات القرآن الكريم، وممّا يدلّ على أنّ للقرآن الكريم عندهم مكانةً خاصّةً ما ورد عن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- من أنّه قال: "لَوْ طَهُرَتْ قُلُوبُكُمْ مَا شَبِعْتُمْ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ"، وكان السَّلَف الصالح -رحمهم الله- يعدّون حُبّ القرآن الكريم دليلاً على حُبّ الله ورسوله؛ فقد ورد عن عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- أنّه قال: (مَنْ أَحَبَّ أنْ يُحِبَّهُ اللهُ ورسولُهُ فلْيَنْظُرْ فإنْ كان يُحِبُّ القرآنَ فهو يُحِبُّ اللهَ ورسولَهُ). 

ميزات القرآن الكريم 

أكرم الله -تعالى- أمّة الإسلام؛ بأن أنزل القرآن الكريم على نبيّها محمّدٍ -صلّى الله عليه وسلّم-، والذي من أهمّ خصائصه: أنّ الباطل لا يأتيه من بين يديه، ولا من خلفه، فهو حبل الله المتين، والنور المُبين، والعُروة الوُثقى، وسبيل هداية البشريّة، وإخراجها من ظلمات الشرك إلى نور التوحيد؛ فهو يضمّ قصص الأمم السابقة مع أنبيائهم، وبيان مصيرهم، كما أنّ فيه من الأحكام الشرعية ما يُبيّن للعباد الحلالَ والحرامَ، ويُنظّم أمور حياتهم، ويُنجّيهم من ضنك الدُّنيا، وعذاب الآخرة، وهو المَنهج القويم، والصراط المستقيم، وممّا يُميّز كتاب الله أيضاً عدم الملل من كثرة تكرار تلاوته، وإنّما الشعور بحلاوته؛ فالجنّ حينما سمعوا القرآن الكريم رجعوا إلى قومهم مُنذرين، فقد ترك في أنفسهم أعظمَ الأثر، فقالوا: (إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا*يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا)، ومن الجدير بالذِّكر أنّ الله -تعالى- قد تعهّد بحفظ القرآن الكريم من التحريف والضياع، مصداقاً لقَوْله -عزّ وجلّ-: (إِنّا نَحنُ نَزَّلنَا الذِّكرَ وَإِنّا لَهُ لَحافِظونَ)، وقد هيّأ الله -سبحانه وتعالى- الأسباب لحِفظ كتابه العزيز؛ فأنزله على أُمّةٍ معتادة على الحِفظ، وحَثَّهم على حِفظه، وتلاوته، والمُواظبة على دراسته، وتعليمه، وقد بَيَّن الله -تعالى-، ورسوله -صلّى الله عليه وسلّم- عِظَم فَضْل أهل القرآن، ورِفعة مكانتهم في الدُّنيا، والآخرة، وأنّه سبب لدخول الجنّة.