فضائل حفظ القرآن الكريم

فضائل حفظ القرآن الكريم
1002 0

الوصف

فَضائل حِفظ القرآن الكريم 

وردَت الكثير من النصوص الشرعيّة التي تدلّ على فَضْل حِفظ القرآن الكريم، ومنها ما يأتي: 

نَيْل الشفاعة يوم القيامة: إذ إنّ الله -تعالى- أكرم حافظ القرآن الكريم بالشفاعة يوم القيامة؛ لِما ورد عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (الصِّيامُ والقرآنُ يشفَعانِ للعبدِ يومَ القيامةِ يقولُ الصِّيامُ أي ربِّ منعتُهُ الطَّعامَ والشَّهواتِ بالنَّهارِ فشفِّعني فيهِ ويقولُ القرآنُ منعتُهُ النَّومَ باللَّيلِ فشفِّعني فيهِ قالَ فَيشفَّعانِ).

ارتداء تاج الكرامة وحُلّة الكرامة: فقد أكرم الله -تعالى- أهل القرآن الكريم بلبس تاج الكرامة، وحُلّة الكرامة؛ لِما ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (يجيءُ {صاحبُ }القرآنِ يومَ القيامةِ فيقولُ: يا ربِّ حلِّهِ، فيُلبسُ تاجُ الكرامةِ، ثم يقولُ: يا ربِّ زدهُ، فيُلبسُ حُلَّةَ الكرامةِ، ثم يقول: يا ربِّ ارضِ عنهُ، فيقالُ: اقرأْ وارقأْ ويزادُ بكلِّ آيةٍ حسنةً).

أهل الله وخاصّته: إذ إنّ حِفظ القرآن الكريم سببٌ في أن يكون المسلم من ضمن أهل الله وخاصّته؛ لِما ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (إِنَّ للهِ أهلِينَ مِنَ الناسِ قالوا : من هُمْ يا رسولَ اللهِ ؟ قال أهلُ القرآنِ هُمْ أهلُ اللهِ وخَاصَّتُهُ).

الأولويّة في إمامة الصلاة: إذ إنّ حافظ القرآن الكريم أحقّ الناس بالإمامة في الصلاة، ويُقدَّم المرء إلى الصفوف الأولى في الصلاة بحسب حِفظه القرآن الكريم؛ لِما ورد عن عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (لِيَلِنِي مِنكُمْ، أُولو الأحْلامِ والنُّهَى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثَلاثًا، وإيَّاكُمْ وهَيْشاتِ الأسْواقِ)، ولِما ورد عن أبي مسعود عقبة بن عامر -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (يَؤُمُّ القَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ، فإنْ كَانُوا في القِرَاءَةِ سَوَاءً، فأعْلَمُهُمْ بالسُّنَّةِ، فإنْ كَانُوا في السُّنَّةِ سَوَاءً، فأقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فإنْ كَانُوا في الهِجْرَةِ سَوَاءً، فأقْدَمُهُمْ سِلْمًا، وَلَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ في سُلْطَانِهِ، وَلَا يَقْعُدْ في بَيْتِهِ علَى تَكْرِمَتِهِ إلَّا بإذْنِهِ. قالَ الأشَجُّ في رِوَايَتِهِ: مَكانَ سِلْمًا سِنًّا).

نَيْل أعظم المراتب يوم القيامة: فقد أكرم الله -جلّ وعلا- حافظ القرآن الكريم بالمراتب العُليا يوم القيامة؛ إذ إنّه مع الملائكة السَّفَرة الكرام البَرَرة؛ لِما ورد عن عائشة أمّ المؤمنين -رضي الله عنها- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (مَثَلُ الذي يَقْرَأُ القُرْآنَ، وهو حافِظٌ له مع السَّفَرَةِ الكِرامِ البَرَرَةِ، ومَثَلُ الذي يَقْرَأُ، وهو يَتَعاهَدُهُ، وهو عليه شَدِيدٌ فَلَهُ أجْرانِ)، بالإضافة إلى أنّ منزلة المسلم في الجنّة ترتفع بحسب حِفظه القرآن الكريم، وتكون منزلته عند آخر آيةٍ يتلوها؛ لما ورد عن عبدالله بن عمرو -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في الحديث النبويّ الشريف أنّه قال: (يقالُ لصاحبِ القرآنِ : اقرأْ وارقَ ورتِّلْ كما كنتَ ترتلُ في الدنيا، فإنَّ منزلتَك عندَ آخرِ آيةٍ تقرأُ بها)، وقد بيّن الألبانيّ -رحمه الله- في شرح الحديث أنّ المقصود بصاحب القرآن؛ حافظه، وبناءً على ذلك يكون التفاضل في الدرجات يوم القيامة، بشرط أن يكون الحَفْظ خالصاً لوَجْه الله -تعالى-، وليس لنَيْل غرضٍ من أغراض الدنيا، ولا يقتصر حفظ القرآن الكريم على رِفْعة الدرجات في الآخرة فحسب؛ بل تُرفع مكانة حافظه في الدنيا أيضاً، مصداقاً لِما ثبت عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: (إنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بهذا الكِتَابِ أَقْوَامًا، وَيَضَعُ به آخَرِينَ).

حِفظ القرآن خيرٌ من متاع الدُّنيا: فمِمّا يدلّ على عِظَم فَضْل حِفظ القرآن الكريم أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فضّله على متاع الدُّنيا؛ فقد ورد عن عقبة بن عامر -رضي الله عنه-: (خَرَجَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وَنَحْنُ في الصُّفَّةِ، فَقالَ: أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يَغْدُوَ كُلَّ يَومٍ إلى بُطْحَانَ، أَوْ إلى العَقِيقِ، فَيَأْتِيَ منه بنَاقَتَيْنِ كَوْمَاوَيْنِ في غيرِ إثْمٍ، وَلَا قَطْعِ رَحِمٍ؟ فَقُلْنَا: يا رَسولَ اللهِ، نُحِبُّ ذلكَ، قالَ: أَفلا يَغْدُو أَحَدُكُمْ إلى المَسْجِدِ فَيَعْلَمُ، أَوْ يَقْرَأُ آيَتَيْنِ مِن كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، خَيْرٌ له مِن نَاقَتَيْنِ، وَثَلَاثٌ خَيْرٌ له مِن ثَلَاثٍ، وَأَرْبَعٌ خَيْرٌ له مِن أَرْبَعٍ، وَمِنْ أَعْدَادِهِنَّ مِنَ الإبِلِ)،ومن الجدير بالذِّكر أنّ الإبل كانت أفضل الأموال في ذلك العصر؛ ولذلك ذُكِر في الحديث النبويّ السابق أنّ حِفظ القرآن الكريم أفضل منها. 

نَيْل الهداية من الله تبارك وتعالى: إذ إنّ القرآن الكريم كلامٌ طيّبٌ مباركٌ يهدي صاحبه بإذن ربّه إلى امتثال الأعمال والأقوال الصالحة، كما ورد في قَوْل الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا*يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمً).

حضور الملائكة مجلسَ قراءة القرآن الكريم: فحِفظ القرآن الكريم يحتاج إلى تلاوته بكثرة، وفي كلّ مجلسٍ يُقرَأ فيه كتاب الله -تعالى- تتنزّل الملائكة وتَحفّ الحاضرين؛ لِما ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (ما اجْتَمع قَوْمٌ في بَيْتٍ مِن بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عليهمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ المَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَن عِنْدَهُ).

تحصيل السعادة في الدُّنيا والآخرة: حيث إنّ اقتران حِفظ القرآن الكريم بالمُداومة على الأعمال الصالحة سببٌ للفوز بسعادة الدُّنيا والآخرة.

استقامة السلوك: فقد ثبت أنّ حِفظ القرآن الكريم من أسباب حُسن الخُلق، وطِيب المَعشر.

الفصاحة والنُّطق السليم: فقد أنزل الله -جلّ وعلا- القرآن الكريم باللسان العربيّ المُبين؛ لقَوْله -سبحانه وتعالى-: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ*عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ*بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ)، وحِفظ القرآن الكريم يحتاج إلى تلاوة آياته بشكلٍ مُتكرّرٍ؛ مِمّا يضبط مخارج الحروف، فيعتاد اللسان على النُّطق السليم، والفصاحة.

الأولويّة في الدَّفن: لا تقتصر فضائل حِفظ القرآن الكريم وبركاته على العبد في حياته وحسب، بل تتعدّى ذلك إلى ما بعد وفاته؛ فحِفظ القرآن الكريم سببٌ للتقديم في القَبر، كما حصل في غزوة أحد؛ فحينما اجتمع المسلمون؛ لدَفن الشهداء، قدَّم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحفظَهم إلى القبر؛ لِما ورد عن جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- أنّه قال: (أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَجْمَعُ بيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِن قَتْلَى أُحُدٍ في ثَوْبٍ واحِدٍ، ثُمَّ يقولُ: أيُّهُمْ أكْثَرُ أخْذًا لِلْقُرْآنِ فَإِذَا أُشِيرَ له إلى أحَدٍ قَدَّمَهُ في اللَّحْدِ، وقالَ: أنَا شَهِيدٌ علَى هَؤُلَاءِ يَومَ القِيَامَةِ وأَمَرَ بدَفْنِهِمْ بدِمَائِهِمْ، ولَمْ يُصَلِّ عليهم ولَمْ يُغَسَّلُوا).

طُهر القلب من الرِّياء: إذ إنّ حِفظ القرآن الكريم عن ظَهر قلبٍ يُمكِّن صاحبَه من تلاوة آياته في كلّ مكانٍ، وفي أيّ وقتٍ، من غير أن يشعر أحدٌ من الناس بذلك؛ مِمّا يحفظه من الرِّياء والسُّمعة.

النجاة من النار: حيث إن حفظ القرآن الكريم سببٌ للنجاة من النار، مصداقا لما جاء عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (لو جُمِعَ القرآنُ في إِهابٍ، ما أحرقه اللهُ بالنَّارِ).

فضائل حفاظ القرآن الكريم 

ثبت أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- كان يحفظ القرآن الكريم، ويُراجع حِفظه كلّ عامٍ مع جبريل -عليه الصلاة والسلام-، ويعرضه على الصحابة -رضي الله عنهم-، ولو لم يكن في حِفظ القرآن الكريم من فضيلةٍ إلّا التأسّي بالنبيّ -عليه الصلاة والسلام-، والسَّير على خطاه لكفى بها من فضيلةٍ، فَضْلاً عن أنّ حِفظ القرآن الكريم من باب التأسّي بالسَّلَف الصالح كذلك، وقد وردت الكثير من النصوص التي تدلّ على عظيم مكانة حَمَلة القرآن الكريم وحَفَظته؛ إذ إنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- كان يُميّز حَفَظة القرآن الكريم عن غيرهم من الصحابة -رضي الله عنهم-، وأوصى الأمّة من بعده بإكرام أهل القرآن، وبيَّن -عليه الصلاة والسلام- أنّ إكرام أهل القرآن الكريم من إكرام الله -تعالى-، ومن الأمور التي تدلّ على عظيم مكانة حَمَلة القرآن الكريم أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- لقَّبهم بلقبٍ عظيمٍ لم يحصل عليه أحدٌ من العالَمين؛ إذ سمّاهم أهل الله وخاصّته؛ فقد ورد عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (إِنَّ للهِ أهلِينَ مِنَ الناسِ قالوا: من هُمْ يا رسولَ اللهِ؟ قال أهلُ القرآنِ هُمْ أهلُ اللهِ وخَاصَّتُهُ)، كما بيَّنَ النبيّ -صلّى لله عليه وسلّم- أنّ أهل القرآن الكريم لهم مراتب عُليا في الجنّة.

حُكم حِفظ القرآن 

حُكم حفظ القرآن على الأمة يجب حِفظ القرآن الكريم على أمّة الإسلام، بحيث لا ينقطع التواتُر في نَقله، ولا يتمكّن أحدٌ من إحداث أيّ تبديلٍ أو تحريفٍ فيه؛ سواء كان ذلك بزيادة، أو حَذف شيءٍ من آياته، وعلى الرغم من تكفُّل الله -سبحانه وتعالى- بحِفظ القرآن الكريم من التبديل والتحريف منذ أن أنزله على قلب محمّد -صلّى الله عليه وسلّم-، إلّا أنّ الأمّة الإسلاميّة اعتنَت بحِفظه في كلّ عصرٍ من عصور التاريخ الإسلاميّ، وتجدر الإشارة إلى أنّ حِفظ القرآن الكريم كاملاً فرض كفايةٍ على أمّة الإسلام، ويُقصَد بفرض الكفاية: أنّه إن وُجِد عددٌ كافٍ من حُفّاظ القرآن الكريم، سقطَ الوجوب عن باقي الأمّة الإسلاميّة، أمّا إن لم يتوفّر العدد الكافي من الحُفّاظ، أَثِمَ جميع المسلمين في ذاك العصر، أو في ذاك المكان. 

حُكم حفظ القرآن على الأفراد 

ويُعَدّ حِفظ شيءٍ من القرآن الكريم، كسورة الفاتحة، وسورة قصيرة أخرى كحدٍّ أدنى فرض عَينٍ على كلّ مسلمٍ ومسلمةٍ؛ وذلك لأنّ قراءة سورة الفاتحة رُكنٌ من أركان الصلاة، ولا تصحّ الصلاة إلّا بالإتيان بها؛ لِما ورد عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (لَا صَلَاةَ لِمَن لَمْ يَقْرَأْ بفَاتِحَةِ الكِتَابِ).

نصائح لحافظ القرآن 

وتجدر الإشارة إلى أنّه يجب على كلّ مَن أتمَّ حِفظ القرآن الكريم، أو أيّ سورةٍ منه تعاهُد ما حَفظه، ومُراجعته بشكلٍ مُستمرٍّ؛ لِئلّا يضيع ما حَفظه؛ فقَوْل الله -تبارك وتعالى-: (فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ)، تُقصَد به قراءة القرآن الكريم خارج الصلاة؛ بقَصْد دراسة آياته، ومراجعتها؛ حتى لا يتفلّت من الحِفظ شيءٌ، وحتى لا تُنسى الآيات التي حَفِظها، وفي سياق الحديث عن حِفظ كتاب الله -تعالى-، وحُكم ذلك يجدر بيان أنّ الله -سبحانه وتعالى- قد يَسَّر حِفظ القرآن الكريم، وتلاوته لأهل العِلم؛ لقوله -عزّ وجلّ-: (بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ)، وفي الحقيقة يُعَدّ حِفظ القرآن الكريم أمراً مُهمّاً؛ سَعياً في صَرف الهِمَم نحو حِفظ القرآن الكريم، وتدبُّر آياته، وعدم الانشغال بالدُّنيا، ومَلذّاتها، وما فيها من مُلهِياتٍ.